بين صواريخ صدام وصواريخ الحوثيين أكثر من أربعين عاماً، لكن العقلية العربية الشعبية والجماهيرية لم تتغير في أغلبها، بل وحتى كثير من النخبة التي يعول عليها لا تزال تمارس نفس التفكير المتطرف وتستخلص نفس المشاعر المليئة بالضغينة، مشاعر مختلطة بين الكراهية والحسد لعرب الجزيرة، فلا ترى إلا اجتراراً لمعارك قديمة، وترديداً لشاعرات بالية لم تعد قادرة على تحقيق أي مكاسب.
في ذروة إطلاق الحوثيين لصواريخهم على الأراضي السعودية، والإماراتية، كانت بعض الفصائل والتنظيمات العابرة في العالم العربي، إضافة إلى مثقفين وإعلاميين محسوبين على تيارات متطرفة وكارهة لأبناء عرب الجزيرة، تصفق فرحة بتلك الصواريخ، مستلهمة نفس الخطأ الذي وقعت فيه فصائل وتنظيمات عربية أثناء استهداف صدام بصواريخه للأراضي السعودية، وبعض القواعد الأمريكية في المنطقة.
بعض الكائنات العربية لم تفهم بعد أن بضعة صواريخ «سكود» الروسية المعدلة غير قادرة على تغيير مسار أي معركة، أو تحقيق انتصارات حقيقية على الأرض، وكل ما تفعله هو أضرار محدودة في المسار الحربي نتيجة لقدمها ومحدوديتها، مع عيب جوهري، فتلك الصواريخ غير دقيقة ولا بد من تخفيف رأسها الحربي حتى تستطيع الوصول إلى أبعد نقطة ممكنة.
خلال الحرب العراقية تعهد صدام بتدمير قوات التحالف، وخرج عبر التلفزيون مصرّحاً بامتلاكه الصواريخ والمدافع وحتى السلاح البيولوجي، تلك الصواريخ قتلت وأصابت بعض المدنيين في المملكة، لكنها لم تكسر الإرادة السعودية، ولم تتراجع الرياض عن قراراها بتحرير الكويت واستعادة الشرعية، إلا أن تلك الصواريخ كانت تلهب المشاعر «الحاقدة» في العالم العربي والتي لم تكن تهتم بسقوط الصواريخ على تل أبيب بقدر سقوطها على المدن السعودية.
واستمراراً لظاهرة تزوير الحقائق والمشاعر وصناعة انتصارات وهمية استبدل صدام وإيران والحوثيون اسم صواريخ «سكود الروسية» وحولوها إلى أسماء محلية لإيهام الشارع العربي أنها من إنتاج المصانع الحربية لديهم، بينما هي صواريخ خرجت من ليننجراد، ويقوم الفنيون بتغيير بعض الألواح المهترئة وشد بعض البراغي وتخفيف رأس الصاروخ حتى تستطيع التحليق.
بالتأكيد هي في نهاية الأمر سلاح قاتل لأنه يصيب المدنيين أكثر من غيرهم، لكنه صاروخ غير مؤثر ولا يغير مسار الأحداث، والوحيد القادر على ذلك هو السلاح النووي كما فعلت أمريكا مع اليابان.
صواريخ صدام كان الهدف منها تحقيق شرعية لاحتلاله الكويت، معتقداً أن الشارع العربي قادر على تحويل المسار الدولي الذي قرر إنهاء الاحتلال وتحرير الكويت، وهو أمر لا يمكن لأي سياسي أو قائد عاقل التعويل عليه.
اليوم تعبُر الصواريخ الحوثية فوق البحر الأحمر لتسقط فوق الأردن ومصر، كما سقطت قبل ذلك في السعودية وفي الإمارات لتقتل مدنيين عرباً ليس لهم علاقة بكل شعارات الحوثيين وإيران أبداً، فالهدف ليس إسرائيل، بل تحقيق شرعية للحوثيين وتعويمهم دولياً، فالسفن الأمريكية لا تبعد عن الشواطئ اليمنية إلا بضعة أميال، ومع ذلك يتفادى الحوثي تلك السفن ويقصف عشوائياً مناطق متداخلة لتسقط فوق المدن والأراضي العربية.
لعل أهم ما في هذه الأحداث المتشابكة والمعقدة حالياً في غزة، هم المدنيون العزّل الذين ليس لهم من ذنب غير أن كل المليشيات في المنطقة تستخدمهم وتزايد عليهم، وتريد تمهيد طريقها نحو الحكم على جثثهم ودمائهم دون تحمّل أي مسؤولية تجاههم، لسبب وحيد يفصل بين نظرة المليشيا للمدنيين والحكومات الرشيدة، فالدول تنظر لشعوبها باعتبارهم الاهتمام الأول ولأجلهم تبنى المصالح، بينما المليشيات أياً كانت لا ترى في الشعوب والمدنيين إلا أدوات مهملة ليس لها قيمة ويمكن التضحية بها من أجل المشروع الأكبر ألا وهو الوصول إلى الحكم.
في ذروة إطلاق الحوثيين لصواريخهم على الأراضي السعودية، والإماراتية، كانت بعض الفصائل والتنظيمات العابرة في العالم العربي، إضافة إلى مثقفين وإعلاميين محسوبين على تيارات متطرفة وكارهة لأبناء عرب الجزيرة، تصفق فرحة بتلك الصواريخ، مستلهمة نفس الخطأ الذي وقعت فيه فصائل وتنظيمات عربية أثناء استهداف صدام بصواريخه للأراضي السعودية، وبعض القواعد الأمريكية في المنطقة.
بعض الكائنات العربية لم تفهم بعد أن بضعة صواريخ «سكود» الروسية المعدلة غير قادرة على تغيير مسار أي معركة، أو تحقيق انتصارات حقيقية على الأرض، وكل ما تفعله هو أضرار محدودة في المسار الحربي نتيجة لقدمها ومحدوديتها، مع عيب جوهري، فتلك الصواريخ غير دقيقة ولا بد من تخفيف رأسها الحربي حتى تستطيع الوصول إلى أبعد نقطة ممكنة.
خلال الحرب العراقية تعهد صدام بتدمير قوات التحالف، وخرج عبر التلفزيون مصرّحاً بامتلاكه الصواريخ والمدافع وحتى السلاح البيولوجي، تلك الصواريخ قتلت وأصابت بعض المدنيين في المملكة، لكنها لم تكسر الإرادة السعودية، ولم تتراجع الرياض عن قراراها بتحرير الكويت واستعادة الشرعية، إلا أن تلك الصواريخ كانت تلهب المشاعر «الحاقدة» في العالم العربي والتي لم تكن تهتم بسقوط الصواريخ على تل أبيب بقدر سقوطها على المدن السعودية.
واستمراراً لظاهرة تزوير الحقائق والمشاعر وصناعة انتصارات وهمية استبدل صدام وإيران والحوثيون اسم صواريخ «سكود الروسية» وحولوها إلى أسماء محلية لإيهام الشارع العربي أنها من إنتاج المصانع الحربية لديهم، بينما هي صواريخ خرجت من ليننجراد، ويقوم الفنيون بتغيير بعض الألواح المهترئة وشد بعض البراغي وتخفيف رأس الصاروخ حتى تستطيع التحليق.
بالتأكيد هي في نهاية الأمر سلاح قاتل لأنه يصيب المدنيين أكثر من غيرهم، لكنه صاروخ غير مؤثر ولا يغير مسار الأحداث، والوحيد القادر على ذلك هو السلاح النووي كما فعلت أمريكا مع اليابان.
صواريخ صدام كان الهدف منها تحقيق شرعية لاحتلاله الكويت، معتقداً أن الشارع العربي قادر على تحويل المسار الدولي الذي قرر إنهاء الاحتلال وتحرير الكويت، وهو أمر لا يمكن لأي سياسي أو قائد عاقل التعويل عليه.
اليوم تعبُر الصواريخ الحوثية فوق البحر الأحمر لتسقط فوق الأردن ومصر، كما سقطت قبل ذلك في السعودية وفي الإمارات لتقتل مدنيين عرباً ليس لهم علاقة بكل شعارات الحوثيين وإيران أبداً، فالهدف ليس إسرائيل، بل تحقيق شرعية للحوثيين وتعويمهم دولياً، فالسفن الأمريكية لا تبعد عن الشواطئ اليمنية إلا بضعة أميال، ومع ذلك يتفادى الحوثي تلك السفن ويقصف عشوائياً مناطق متداخلة لتسقط فوق المدن والأراضي العربية.
لعل أهم ما في هذه الأحداث المتشابكة والمعقدة حالياً في غزة، هم المدنيون العزّل الذين ليس لهم من ذنب غير أن كل المليشيات في المنطقة تستخدمهم وتزايد عليهم، وتريد تمهيد طريقها نحو الحكم على جثثهم ودمائهم دون تحمّل أي مسؤولية تجاههم، لسبب وحيد يفصل بين نظرة المليشيا للمدنيين والحكومات الرشيدة، فالدول تنظر لشعوبها باعتبارهم الاهتمام الأول ولأجلهم تبنى المصالح، بينما المليشيات أياً كانت لا ترى في الشعوب والمدنيين إلا أدوات مهملة ليس لها قيمة ويمكن التضحية بها من أجل المشروع الأكبر ألا وهو الوصول إلى الحكم.